[center]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=Sienna]مهما بلغ الإنسان من القوّة والنشاط فلابدّ له أن
يأوي إلى فراشه أخيراً ، وهذه ضرورةٌ لا يمكن الاستغناء عنها ، فالنوم
فرصةٌ تتيح للجسد الراحة والاسترخاء ، وللفكر أن يبتعد قليلاً عن مطارق
الهواجس والخواطر التي ترهق العقل وتشغل البال ، وهو السكون الذي امتنّ
الله به على عباده في قوله تعالى : { هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه
والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } ( يونس : 67 ) وقوله تعالى :
{ وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا } (
الفرقان : 47 ) .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
وجوانب القدوة والأسوة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم – امتدّت لتشمل
هديه في نومه واستيقاظه ، فقد أحاط عليه الصلاة والسلام هذه الحاجة
الإنسانية بجملة من الآداب ، ورتّب عليها عددا من الأحكام .[/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=RoyalBlue]وفي هذه الآداب وتلك الأحكام يظهر حرص النبي –
صلى الله عليه وسلم - على ربط المسلم بخالقه في كل الأحوال ، فعندما كان
عليه الصلاة والسلام يريد أن يعطي جسده حقه من الراحة بعد عناء نهار طويل
يستحضر عظمة الله ، ويستذكر جملة النعم التي أنعم الله بها عليه في يومه
وليلته ، ويظهر ذلك من قوله عليه الصلاة والسلام عندما يأوي إلى فراشه (
الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فكم ممن لا كافي له ولا
مؤوي) رواه مسلم فهي ألوانٌ من النعم المستوجبة للحمد والشكر لمعطيها
ومانحها .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=DarkOrchid]وكذلك كان - صلى الله عليه وسلم – إذا أسلم
النفس لراحتها ذكَّرها بأن أمرها أولاً وآخراً بيد بارئها لا بيد أحدٍ
غيره، فيقول داعياً: ( اللهم أسلمت نفسي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت
ظهري إليك ، رهبة ورغبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت
بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ) متفق عليه ، وقد علّم النبي عليه
الصلاة والسلام البراء بن عازب رضي الله عنه هذا الدعاء وأمره أن يجعله
آخر ما يتكلّم به ، وبشّر قائلها أن من مات على تلك الحال بأنه يموت على
الفطرة كما جاء في نص الحديث .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
وفي هذا الدعاء بيان للحال الذي على المسلم أن يكون عليها وهو على فراش
نومه ، إنه حال الاستسلام والتسليم إلى خالق النفس وبارئها، وقريب من هذا
الدعاء دعائه - صلى الله عليه وسلم - على تلك الحال بقوله : (باسمك ربي
وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما
تحفظ به عبادك الصالحين ) متفق عليه. [/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=RoyalBlue]وهناك العديد من الأذكار والأدعية التي جاءت عن
النبي – صلى الله عليه وسلم – قبل النوم ، منها قوله : ( اللهم اغفر لي
ذنبي ، وأخسئ شيطاني ، وفك رهاني ، واجعلني في الندي الأعلى ) كما ثبت في
سنن أبي داود .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=Sienna]ومن الأدعية الواردة كذلك عند النوم ، قوله – صلى
الله عليه وسلم –: ( اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ، ربنا
ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ، أعوذ
بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت
الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك
شيء ، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر ) رواه مسلم .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
كذلك كان من هديه - صلى الله عليه وسلم – بعد الوضوء والاستعداد للنوم أن
يجمع كفيه ، وينفث فيهما قارئاً سور الإخلاص والمعوّذتين ، ثم يمسح بكفّيه
ما وصل إليه من جسده ، وبعد ذلك يضع يده تحت خده الأيمن ثم يدعو ثلاث
مرّات : ( اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) رواه أبو داود وأحمد .[/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=RoyalBlue]وفي سياق أحاديث نبويّةٍ أخرى ورد عن النبي – صلى
الله عليه وسلم – قراءة سور أخرى من القرآن الكريم ، كسورة الملك وسورة
السجدة ، وسورة الإسراء والزمر ، وآخر آيتين من سورة البقرة ،
و"المسبّحات" وهي سور الحديد والحشر ، والصف والجمعة ، والتغابن و الأعلى .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=DarkOrchid]ومن الأذكار الواردة كذلك التسبيح والتكبير
والتحميد ، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً وفاطمة رضي الله
عنهما إذا جلسا على الفراش أن يكبّرا أربعا وثلاثين ، ويسبحا ثلاثا
وثلاثين ، ويحمدا ثلاثا وثلاثين ، متفق عليه . [/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
وفي المقابل جاء النهي عن النوم في أوضاعٍ معيّنة لمشابهتها لأحوال
المعذّبين يوم القيامة ، ومن ذلك النوم على البطن ، فقد رأى رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - رجلاً مضطجعاً على بطنه فقال : ( إن هذه ضجعة لا
يحبها الله ) رواه الترمذي ، وفي رواية ابن ماجة : ( إنما هذه ضجعة أهل
النار ) .[/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=RoyalBlue]وأرشد النبي – صلى الله عليه وسلم – الناس إلى
بعض التدابير الاحتياطيّة قبل الذهاب إلى النوم ، من إطفاء السرج وإغلاق
الآنية وإخماد النيران ، حمايةً للبيوت من خطر بعض الهوام والحيوانات
الصغيرة التي قد تعبث بمتاع الناس أو تكون سبباً في اشتعال الحرائق ، قال
- صلى الله عليه وسلم - : ( لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون ) متفق
عليه ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( أغلقوا الباب ، وأوكئوا السقاء ،
وأكفئوا الإناء أو خمّروا الإناء – أي : قوموا بتغطيته - ، وأطفئوا
المصباح ؛ فإن الشيطان لا يفتح غلقا – أي بابا مغلقا - ولا يحلّ وكاء ،
ولا يكشف آنية ، وإن الفويسقة تضرم على الناس بيتهم) رواه الترمذي ،ويقصد
بالفويسقة الفأرة .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=Sienna]ومن هذه التدابير الواقية التي جاء الأمر بها : غسل
اليدين قبل النوم إذا كان بهما شيءٌ من بقايا الطعام ، ويؤكّد النبي – صلى
الله عليه وسلم - على ذلك بقوله: ( من نام وبيده غمر – أي دسومة وشحم -
قبل أن يغسله فأصابه شيء فلا يلومنّ إلا نفسه ) رواه البخاري في الأدب
المفرد .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
وإذا استيقظ الإنسان أثناء نومه فزعاً ، فعليه أن يقول : ( أعوذ بكلمات
الله التامات ، من غضبه وعقابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون
) كما ثبت بذلك الحديث في مسند الإمام أحمد .[/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=DarkOrchid]ومن خصوصيّات النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه
كانت تنام عينه ولا ينام قلبه ، وذلك لحضور قلبه ودوام استشعاره عليه
الصلاة والسلام لعظمة خالقه وبارئه .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
أما حاله - صلى الله عليه وسلم – عند الاستيقاظ من النوم فكان كحاله قبله
، دوام ذكرٍ ومزيد شكرٍ للخالق سبحانه وتعالى على نعمة الحياة بعد الممات
، فكان يقول : ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) رواه
أبوداود .[/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=RoyalBlue]ولما كان من طبيعة النائم عدم التحكّم في
تصرّفاته جاء الأمر بغسل اليدين قبل الوضوء أو استخدام الآنية لإزالة ما
قد يكون أصابها من نجاسة حال النوم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده
قبل أن يدخلها في وضوئه ؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) متفق عليه .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
ومن السنّة أيضاً نوم القيلولة ، وهو الاستراحة في نصف النهار ، وذلك في
حديث النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( قيلوا فإن الشياطين لا تقيل ) رواه
الطبراني .[/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
[color:5fbc=Red]وبعد : فهذه إشراقةٌ من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم
– في نومه ويقظته ، جاءت لتؤكّد أن حياته عليه الصلاة والسلام لم تخلُ في
لحظة من لحظاتها ، أو حالة من حالاتها ، من ذكر الله سبحانه وتعالى ،
والتعلّق به ، وتفويض الأمر إليه .[/color][/color][/size]
[size=21][color:5fbc=DarkGreen]
==============================[/color][/size][/center]