[center]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=Blue]حياة الأنبياء عليهم السلام حياةٌ كاملة ، تجمع بين
الجوانب الإنسانيّة والخصائص الرسالية ، وشأن النبي – صلى الله عليه وسلم
– في ذلك كشأن من سبقه في النبوّة والرسالة ، فبشريّته عليه الصلاة
والسلام حاضرةٌ في سيرته ، يُدركها كل من قرأها ، فنراه كغيره من الناس
يأكل الطعام ، ويمشي في الأسواق ، ويسعى للرزق ، كما قال الله تعالى : {
وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } (الفرقان : 7 ) .[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
وبين يدينا حديثٌ عن أحد الجوانب البشريّة في حياة النبي – صلى الله عليه
وسلم - ، وهي علاقته – صلى الله عليه وسلم – بقضايا الكسب والمعاش ،
والبيع والشراء ، فقد بدأت تلك العلاقة في سنٍّ مبكرة ومرّت بمراحل عديدة
، فكان عليه الصلاة والسلام يرعى الغنم في بني سعد وهو غلامٌ مع إخوانه من
الرضاعة ، مقابل شيءٍ يسير من المال .[/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=DarkOrchid]ومع مرور الأيّام استفاد النبي – صلى الله عليه
وسلم – من قربه من عمّه أبي طالب آراءه وخبرته ، فتعلّم منه فنون التجارة
وأساليبها ، فما بلغ سنّ الشباب إلا وقد حاز على شهرةٍ واسعة في مكّة وما
حولها ، حتى سمعت به خديجة رضي الله عنها ، فتعاقدت معه على التجارة
بمالها ، فخرج النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الشام مع غلامها ميسرة ،
وعاد لها بربح وفير ، وسرعان ما توطّدت العلاقة التجارية بينهما حتى
تُوّجت بالزواج ، وظلّ الأمر كذلك إلى أن أكرم الله نبيّه – صلى الله عليه
وسلم – بالرّسالة .[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=RoyalBlue]وفي تلك الأثناء كانت للنبي – صلى الله عليه وسلم
– شراكاتٌ تجاريّةٌ أخرى مع بعض أهل مكّة ، يشير إلى ذلك حديث الذي رواه
الإمام أحمد أن السائب بن أبي السائب رضي الله عنه كان شريك النبي - صلى
الله عليه وسلم - في أول الإسلام في التجارة ، فلما كان يوم الفتح رآه
النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال له : ( قال مرحبا بأخي وشريكي ) .[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
أما بعد نزول الوحي فقد كان شراؤه– صلى الله عليه وسلم – أكثر من بيعه ،
لما تتطلّبه أعباء الرسالة من متابعة وتفرّغٍ لشؤون الدعوة وتوجيه الناس
والفصل بينهم ، وغير ذلك من الأمور المهمّة . [/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=Sienna]ومن الصور التي حُفظت في بيع النبي – صلى الله عليه
وسلم – ما حدّث به جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلا أراد عتق
غلامٍ له بعد موته ، ثم احتاج للمال ، فأراد النبي – صلى الله عليه وسلّم
– أن يفكّ عنه حاجته فعرض ذلك الغلام للبيع ، فاشتراه نعيم بن عبد الله
رضي الله عنه بثمانمائة درهم ، ثم أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم – تلك
الدراهم إلى صاحب العبد ، والحديث رواه البخاري ومسلم .[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=RoyalBlue]وفيما يتعلّق بشرائه – صلى الله عليه وسلم –
فهناك العديد من المواقف التي تدلّ على أنه كان يباشر ذلك بنفسه ، أو يوكل
ذلك إلى أحدٍ من أصحابه ، فمن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها ، أن النبي -
صلى الله عليه وسلم - اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ، ورهنه درعاً من
حديد ، رواه البخاري .[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=DarkOrchid]وفي طريق العودة من إحدى الغزوات اشترى النبي -
صلى الله عليه وسلم – من جابر بن عبدالله رضي الله عنه جملاً كان يركبه ،
وعند وصولهم إلى المدينة أعطاه النبي – صلى الله عليه وسلم – الثمن وزاده
، ثم أرجع إليه جمله ، والقصّة بتمامها في الصحيحين.[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=RoyalBlue]و أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - عروة بن أبي
الجعد البارقي رضي الله عنه دينارا ليشتري له أضحية ، فاشترى عروة شاتين
بالثمن ثم باع إحداهما بدينار ، ورجع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -
بشاة ودينار ، فدعا له بالبركة في بيعه ، رواه أبو داود .[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=Sienna]وربما احتاج النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المال
فيقترض أو يرهن شيئاً عنده من سلاحٍ ونحوه ، وقد توفي رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير ، رواه
البخاري .[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
وتعاقد النبي – صلى الله عليه وسلم – مع أهل خيبر لممارسة النشاط الزراعي
لصالح المسلمين ، مقابل أن يأخذوا شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ، رواه
مسلم .[/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=DarkOrchid]وقد أسّس النبي – صلى الله عليه وسلم – منهجاً
متكاملاً يسير عليه الناس في تعاملاتهم ، فحرّم جملةً من المعاملات التي
فيها ضررٌ أو غبن ، كالتعامل بالربا ، وبيع الغرر ، وبيع العِينة ،
والتجارة بالمحرّمات ، وبيّن أهميّة التقابض بين البائع والمشتري ، وحدّد
أنواع الخيار عند الرغبة في التراجع عن الصفقة ، إلى غير ذلك من الأسس
والضوابط المقرّرة في سنته .[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
[color:e474=red]وبالجملة فإن كل ما أوردناه من أمثلة تدور حول محور
واحد ، يتلخّص في أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أراد أن يعلّم أمته أن
السعي في الرزق وتحصيل القوت لا يتنافى مع الإقبال على الآخرة ، بل هو
مطلبٌ من مطالبها ، علاوةً على كونه سبباً في نهوض الأمة ورقيّها ، لتنال
بذلك مكانةً سامية بين الأمم ، [/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen][color:e474=red]
والله الموفق .[/color][/color][/size]
[size=21][color:e474=DarkGreen]
==============================[/color][/size][/center]