[center][size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=DarkOrchid]جوانب الكمال والجمال في شريعة الإسلام لا تنتهي
، فأحكامها تتعلّق بجميع جوانب الحياة ومختلف أحوالها ، وآدابها استطاعت
أن تقيم واقعاً اجتماعياً فريداً ، عزّ على البشرية أن تجود بمثله ، تلك
الآداب التي تحقّق انسجاماً كاملاً مع دواعي الفطرة السليمة وتدعو إليها .[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
والهدي النبوي في قضاء الحاجة ، ما هو إلا مثالٌ يؤكد ما سبق ، فهناك
الكثير من الأحكام الذي تعلّقت بهذا الفعل أمراً ونهياً ، وحثّاً وإرشاداً
، وهناك أيضاً العديد من الآداب التي جاء التنبيه إليها ، والتي تعكس
نظافة المسلم وطهارته .[/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=RoyalBlue]وأول سمات الجمال في هذه القضيّة ، الطريقة التي
تم التعبير عنها في كتاب الله تعالى ، قال عزوجل : { أو جاء أحد منكم من
الغائط } ( النساء : 43 ) ، فقد تم التعبير عن إخراج النجاسة من السبيلين
بالتلميح ( الغائط) لا بالاسم الصريح المباشر ، والغائط في أصله يطلق على
المكان المنخفض من الأرض الواسع ، يقول صاحب مختار الصحاح : " وكان الرجل
منهم إذا أراد أن يقضي الحاجه أتى الغائط وقضى حاجته ، فقيل لكل من قضى
حاجته قد أتى الغائط.. وقد تَغَوَّط " .[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
وتتنوّع الآداب والأحكام المتعلقة بقضاء الحاجة فنجد أن بعضها تختصّ
باختيار المكان ، وأخرى تسبق ذلك الفعل ، وثالثة ينبغي مراعاتها أثناءه
ذلك وبعده .[/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=Sienna]فبالنسبة لموضع قضاء الحاجة ، كان هدي النبي – صلى
الله عليه وسلم – الحرص على اختيار الأماكن التي تخفيه عن أعين الناس
وتستره عنهم ، ويصوّر لنا عبد الله بن جعفر رضي الله عنه ذلك فيقول : "
كان أحب ما استتر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هَدَف – وهو
البناء المرتفع الساتر - أو حائش نخل - يعني حائط نخل – " رواه مسلم ،
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا ذهب لقضاء حاجته يسير كثيراً حتى
لا يكاد يُرى ، ابتعاداً عن أعين الناس ، وهذا هو المقصود من قول المغيرة
بن شعبة رضي الله عنه : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب
المذهب أبعد " رواه النسائي .[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
وللسبب ذاته لم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم - يرفع ثوبه إلا بعد الدنو من الأرض ، كما روى ذلك الإمام الترمذي .[/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=RoyalBlue]وتظهر النصوص النبوية النهي عن قصد مواضع معيّنة
لقضاء الحاجة ، كالمقابر - مراعاةً لحرمة الأموات - ، أو قصد أماكن الناس
وطرقاتهم ، أو قضاء الحاجة في المياه الراكدة ، وقد جاء في ذلك جملة من
الأحاديث ، منها قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما أبالي أوسط القبور
قضيت حاجتي أو وسط السوق) يعني أنهما في القبح سواء ، رواه ابن ماجة ،
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد
، وقارعة الطريق ، والظل ) وهي الأمور التي تجلب لعن الناس ، رواه أبو
داود ، وقول جابر رضي الله عنه : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن
البول في الماء الراكد ، رواه النسائي .[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
وتعظيماً لقبلة المسلمين وإعلاءً لشأنها جاء النهي عن استقبال القبلة أو
استدبارها ، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قال : ( إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها )
رواه مسلم .[/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=DarkOrchid]وهناك العديد من الآداب النبويّة الوقائيّة التي
تمنع من تعلّق النجاسة بالثياب أو الجسم ، وتسهم في الوقت ذاته في الحماية
من وسوسة الطهارة ، ومن ذلك النهي عن التبوّل في المغتسل ، فعن عبد الله
بن مغفل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يبولنّ أحدكم في
مستحمه ، فإن عامة الوسواس منه ) رواه النسائي ، والأمر بالتبوّل جلوساً
كي لا تتلوث الملابس ، وهكذا كان أغلب حال النبي - صلى الله عليه وسلم –
أن يقضي حاجته وهو جالس ، ولم يُحفظ عنه القيام إلا مرة واحدة ، ومما يدل
على أن الغالب في فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الجلوس قول عائشة
رضي الله عنها : " من حدثكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال
قائما فلا تصدقوه ؛ ما كان يبول إلا جالساً " رواه النسائي .[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
وقد جاء الوعيد الشديد على الاستهانة بإزالة النجاسة وعدم الوقاية منها ،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : (
أكثر عذاب القبر من البول ) ، وأخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -
صلى الله عليه وسلم – مرّ على قبرين فقال : ( إنهما ليعذبان ، وما يعذبان
في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله) أي : يستبريء منه ، متفق
عليه .[/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=Sienna]وكل ما يحقّق هذه الحماية يٌستحب فعله ، فالأمور
بمقاصدها ، ومن ذلك اتقاء جهة الريح ، واختيار الأرض الرخوة التي لا ترتدّ
منها النجاسة ، ولبس الحذاء أثناء قضاء الحاجة ، إلى غير ذلك من الوسائل .[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
ومن السنّة قبل الدخول إلى الخلاء ذكر الله عزوجل ، يقول النبي - صلى الله
عليه وسلم - : ( ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم
الخلاء أن يقول : بسم الله ) رواه الترمذي ، وكان - صلى الله عليه وسلم –
إذا دخل الخلاء قال : ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) وهو تعوّذٌ
من ذكور الشياطين وإناثهم ، للوقاية من أذاهم .[/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
ومن السنّة كذلك الدخول بالقدم اليُسرى وتأخير اليمنى ، مع التنبّه بعدم
حمل الأوراق أو الأشياء التي تحتوي على ذكر الله ، صيانةً لاسم الله
وإجلاله .[/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=RoyalBlue]وليس الخلاء مكاناً مناسباً للاستئناس أو الحديث
، ولذا فإن من الأدب ترك الكلام مع الناس عموماً ، ومن باب أولى عدم رد
السلام وتشميت العاطس ونحوهما ؛ ولذلك امتنع النبي - صلى الله عليه وسلم –
عن الردّ على من سلّم عليه وهو يبول حتى توضأ ، وجاء عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يخرج
الرجلان يضربان الغائط ، كاشفان عورتهما يتحدثان ؛ فإن الله يمقت ذلك )
رواه أحمد .[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – ينوّع بين الاستنجاء والاستجمار ،
ويجمع بينهما أحياناً ، والاستنجاء هو استخدام الماء في إزالة الأذى ،
والاستجمار يكون بالحجارة ونحوها ، ويكون ثلاث مرّات لاستحباب الوتر في
ذلك ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا استجمر أحدكم فليستجمر وتراً )
رواه مسلم . [/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=Sienna]ولا يجوز استبدال الحجارة بالعظام أو الروث ، لأنهما
طعام الجن ، ويدل على ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم – لأبي هريرة رضي
الله عنه : ( لا تأتني بعظم ولا بروثة ؛ فهما من طعام الجن ، وإنه أتاني
وفد جن "نصيبين" فسألوني الزاد ، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا
بروثة إلا وجدوا عليها طعاما ) رواه البخاري .[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=RoyalBlue]وجاء النهي عن مس الذكر باليد اليمنى حال قضاء
الحاجة ، أو استخدامها في إزالة الأذى صيانةً وإكراماً لها ، لحديث : (
إذا بال أحدكم فلا يأخذنّ ذكره بيمينه ، ولا يستنج بيمين ) رواه البخاري ،
فإن الشريعة قد جعلت لليمين كل الأعمال الحميدة ، وجعلت مباشرة الأذى
والنجاسات باليد الأخرى ، فعن حفصة رضي الله عنها قالت : " كان النبي -
صلى الله عليه وسلم - يجعل يمينه لأكله وشربه ، ووضوئه وثيابه ، وأخذه
وعطائه ، ويجعل شماله لما سوى ذلك " رواه أحمد .[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
وإذا أراد الخروج من موضع قضاء الحاجة فإنه يقدّم اليمنى ويقول " غفرانك "
، يدل عليه قول عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا
خرج من الخلاء قال : ( غفرانك ) رواه الترمذي .[/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
[color:cfe0=Red]ومن خلال هذه الجولة في هذه الآداب ، نقف على شمولية هذا الدين وعظمته ، فحريٌّ بنا أن نفتخر بخير دين وأعظم ملّة ، والله الموفق[/color][/color][/size]
[size=21][color:cfe0=DarkGreen]
==============================[/color][/size][/center]