[center]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=Blue]الإسلام في شريعته المنزّلة ومنهجه المرسوم عقدٌ تنتظم
فيه صور الكمال في المقاصد ، والسمو في المباديء ، والإحكام في القواعد ،
وما مبدأ الشورى إلا صورة من صور هذا الكمال ، فمن خلاله تُبسط الآراء
وتناقش القضايا ، بين النُخبة من أفراد الأمة ، لتقرير ما يرتّب شؤون
الحياة ويحفظ توازن المجتمع .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=DarkOrchid]والشورى هي نظامٌ اجتماعي ، وأصلٌ من أصول الحكم
، يسعى لتلبية حاجات الناس المتجدّدة وحلّ مشكلاتهم المختلفة ، بإشراك
أرباب العقول وذوي الأفهام في الفكر والرأي .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
وتظهر مكانة الشورى في الإسلام من خلال اقترانها بأوصاف المؤمنين الصادقين
في قوله تعالى : { والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى
بينهم } ( الشورى : 38 ) ، يقول الإمام الجصاص : " هذا يدل على جلالة موقع
المشورة لذكرها مع الإيمان وإقامة الصلاة " ، علاوةً على كونها السبيل
لاستقرار الأسرة المسلمة وائتلافها ، قال تعالى : { فإن أرادا فصالاً عن
تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما } ( البقرة : 233) . [/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=Sienna]ثم إن الله سبحانه وتعالى أمر نبيّه بمشاورة أصحابه
بالرغم من استغنائه عن آرائهم ، فقد تكفّل الله بإرشاده وتوجيهه ، ولكنّه
إرشادٌ للأمة بضرورة العمل بهذا المبدأ ، قال تعالى : { وشاورهم في الأمر
} ( آل عمران : 159 ) .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
فكان – صلى الله عليه وسلم – أكثر الناس مشورة في أحواله كلّها ، في السلم والحرم ، وأمور الخاصّة والعامة ، حتى شهد أصحابه بذلك .[/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=RoyalBlue]ففي أمور الحرب ، تبرز مواقف النبي – صلى الله
عليه وسلم – التي شاور أصحابه فيها ، ابتداء بغزوة بدر ، حيث شاورهم فيها
حول الخروج لملاقاة العدو ، واختيار المكان الذي ينزلون فيه ، وفي شأن
الأسرى وكيفيّة التعامل معهم .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=DarkOrchid]وفي غزوة أحد ، استشار النبي – صلى الله عليه
وسلم – في اختيار المكان الذي يحارب منه المسلمون ، ونزل على رأي من أراد
الخروج ، كما أخذ عليه الصلاة والسلام بمشورة صاحبيه بعد المعركة في
ملاحقة فلول قريش ومطاردتها .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
وعندما أشار سلمان الفارسي رضي الله عنه بفكرة بناء الخندق ، استحسن النبي
– صلى الله عليه وسلم – فكرته وأمر بتنفيذها ، فكانت سبباً رئيسياً من
أسباب النصر في تلك الغزوة.[/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=Sienna]وكثيراً ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأخذ
بمشورة أصحابه حتى وإن خالفت رأيه ، فقد نزل على رأي سعد بن معاذ وسعد بن
عبادة رضي الله عنهما في عدم إعطاء ثمار المدينة لغطفان ، وأخذ بمشورة أبي
بكر الصديق رضي الله عنه بقصد المسجد الحرام لأداء العمرة وترك قتال قريش
يوم الحديبية ، ومشورة الحباب بن المنذر رضي الله عنه في اختيار معسكر
المسلمين في غزوة الطائف ، ورأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عدم ملاحقة
جيش الروم في أرض الشام وضرورة العودة إلى المدينة ، ومنع الصحابة من نحر
الإبل حينما اشتدّ بهم الجوع ، وغير ذلك من المواقف الكثيرة التي ذكرها
علماء السيرة .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=RoyalBlue]وبعيداً عن شؤون الحرب ، فقد وردت في السيرة
النبوية مجموعة من القضايا استشار فيها النبي – صلى الله عليه وسلم –
الآخرين واستمع إلى آرائهم ، ففي يوم الإسراء والمعراج شاور عليه الصلاة
والسلام جبريل في تخفيف الصلاة ، وشاور كلاً من علي بن أبي طالب وأسامة بن
زيد رضي الله عنهما في قضيّة الإفك ، وشاور الناس في كيفيّة التعامل مع من
آذاه في عرضه الشريف ، وفي غزوة الحديبية نزل عند رأي زوجته أم سلمة رضي
الله عنها بمباشرة النحر وحلق الشعر بنفسه عندما تثاقل الناس عن فعل ذلك .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=DarkOrchid]وعند استعراض مبدأ الشورى في حياة النبي – صلى
الله عليه وسلم - ، نجد أن لها مجالاً معيّناً ونطاقاً محدّداً لا تتعدّاه
، وهي الأمور التي لم يرد فيها نصٌّ شرعيٌّ من الكتاب والسنّة ، وأما ما
ورد فيه نصٌّ فليس أمام المسلم سوى القبول والتسليم ، ولا سبيل إلى تعطيله
أو معارضته ، وإنما تكون الشورى في البحث عن كيفيّة تنفيذه بما يتوافق مع
أصول الإسلام وقواعده ، وبما يراعي مقتضى الظروف المحيطة وواقع الحال .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=RoyalBlue]وللشورى في حياة الصحابة رضوان الله عليهم مكانةٌ
عظيمة ، فقد كانوا حريصين أشدّ الحرص على معرفة رأي النبي – صلى الله عليه
وسلم – في مختلف القضايا ليأخذوا به ، فمن ذلك استشارة أبي هيثم رضي الله
عنه للنبي – صلى الله عليه وسلم – في اختيار خادمه من السبي ، رواه
الترمذي ، واستشارة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها للنبي عليه الصلاة
والسلام فيمن تقدّم لخطبتها ، فأشار لها بقبول أسامة رضي الله عنه ، فكان
زواجها منه سبباً في سعادتها وحلول البركة في بيتها ، رواه مسلم .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
وعن معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه أن والده جاء إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم - فقال : " يا رسول الله ، أردت أن أغزو ، وقد جئت أستشيرك
" ، فقال له : ( هل لك من أم ؟ ) ، قال : نعم ، فقال له : ( فالزمها فإن
الجنة تحت رجليها ) رواه النسائي .[/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=Sienna]ومن بعد عصر النبوّة أرسى الصحابة رضوان الله عليهم
مبدأ الشورى منذ اللحظة الأولى ، فما كان اختيار خليفة المسلمين يوم
السقيفة إلا نتاج المشورة بينهم ، ولا إنفاق أموال الفتوحات الإسلامية على
الدولة في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه إلا بمشورة أصحابه ، وبذلك صارت
الشورى ركيزة أساسية في حياتهم .[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
وعندما نعود إلى قول النبي – صلى الله عليه وسلم : ( إن المستشار مؤتمن )
رواه الترمذي ، أدركنا ضرورة الصدق والإخلاص في المشورة ليتحقّق المقصود
منها ، وفي هذا المعنى يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- : ( من استشاره
أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ) رواه أحمد .[/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
[color:3bdc=red]وهكذا أصبحت المباديء التي قرّرها النبي – صلى الله
عليه وسلم – دستوراً للبشريّة ، ومنهاجاً للإنسانيّة ، وعنواناً للأمم
الراقية على مرّ العصور.[/color][/color][/size]
[size=21][color:3bdc=DarkGreen]
==============================[/color][/size][/center]