[center][size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=Blue]عندما يأوي الناس إلى منازلهم فإنهم يطرحون عنهم أعباء
الكلفة ويتخفّفون من ملابسهم ، ويظهر منهم ما لا يرغبون أن يطّلع عليه
الآخرون ، فجاءت الشريعة لترشد الناس إلى أدب الاستئذان صيانةً لتلك
البيوت ورعايةً لأهلها .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=DarkOrchid]والمقصود بالاستئذان : طلب الإذن بالدخول ،
خوفاً من الاطلاع على عورات المسلمين ، أو وقوع النظر على ما لا يرغبه
صاحب البيت ، ويقرّر النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله : ( إنما جعل
الاستئذان من أجل البصر ) متفق عليه .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=Magenta]وإذا نظرنا إلى الآداب المتعلّقة بالاستئذان وجدنا
أنها تنقسم إلى قسمين : قسمٌ يتعلّق بالدخول إلى البيت ، وآخر بالحركة
داخله ، أما الأوّل ، فقد جاء النهي عن دخول البيوت قبل استئذان أهلها ،
فقال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى
تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون } ( النور : 27 ) .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=RoyalBlue]ويظهر حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على
تعويد أصحابه على الاستئذان لا سيّما مع حديثي العهد بالإسلام والجهلة من
الأعراب ، فقد جاء في سنن الترمذي أن صفوان بن أمية ذهب إلى النبي – صلى
الله عليه وسلم – بعد إسلامه بشيءٍ من الطعام ، فدخل عليه ولم يسلّم ولم
يستأذن ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ارجع ، فقل: السلام
عليكم ، أأدخل ؟ ) .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=Sienna]وفي سنن أبي داود أن رجلاً من بني عامر استأذن على
النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت فقال : ألج ؟ ، فقال النبي - صلى
الله عليه وسلم - لخادمه : ( اخرج إلى هذا فعلّمه الاستئذان ، فقل له : قل
السلام عليكم ، أأدخل ) ، فسمعه الرجل فقال : السلام عليكم ، أأدخل ؟ ،
فأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
وينبّه النبي – صلى الله عليه وسلم – على ضرورة حفظ النظر عند الوقوف
والانتظار فيقول : ( لا يحل لامرئ مسلم أن ينظر إلى جوف بيتٍ حتى يستأذن ،
فإن فعل فقد دخل ) رواه البخاري في الأدب المفرد .[/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=RoyalBlue]ولخطورة النظر على العورات والاطلاع عليها ، أهدر
النبي – صلى الله عليه وسلم – عين الناظر إلى بيوت الآخرين وأسقط عنها
الدية فقال : ( لو أن رجلا اطّلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة – أي رميته
بها - ففقأت عينه ، ما كان عليك من جناح ) متفق عليه ، وعن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قائماً يصلي ،
فاطّلع رجل في بيته ، فأخذ سهماً من كنانته فسدّد نحو عينيه ، رواه
البخاري في الأدب المفرد .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
وأخبر سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه عن موقفٍ آخر ، حين اطّلع رجلٌ من
ثقبٍ في باب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان النبي - صلى الله
عليه وسلم – يسرّح شعره بمشطٍ في يده ، فقال للرجل : ( لو أعلم أنك تنظر
طعنت به في عينك ؛ إنما جعل الله الإذن من أجل البصر ) رواه مسلم .[/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=Sienna]ولأجل هذا المقصد جاء النهي أيضاً عن استقبال الباب
والوقوف أمامه ، والإرشاد إلى أخذ جانبه الأيمن أو الأيسر ، فقد جاء عن
طلحة عن هزيل رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
يستأذن بالدخول ، فوقف مستقبل الباب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم
- : ( هكذا عنك أو هكذا – أي اذهب يميناً أو شمالاً - فإنما الاستئذان من
النظر ) رواه أبو داود .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=DarkOrchid]وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : كان
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء الباب يستأذن ،لم يستقبله ،
يمشي مع الحائط حتى يستأذن ، فيؤذن له أو ينصرف ، رواه أحمد ، وعند
البخاري في الأدب المفرد أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان إذا أتى
بابا يريد أن يستأذن لم يستقبله ، وجاء يمينا أوشمالا ، فإن أذن له وإلا
انصرف .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=RoyalBlue]ومن سنن الاستئذان ألا يزيد عن ثلاث مرّات ، فإن
أذن صاحب البيت وإلا انصرف ، يشير إلى ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه ، قال : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد سعد بن عبادة
، حتى أتاه فسلّم فلم يؤذن له ، ثم سلّم الثانية ثم الثالثة ، فلم يؤذن له
، فقال : ( قضينا ما علينا ) ، ثم رجع فأدركه سعد فقال : يا رسول الله ،
والذي بعثك بالحق ما سلّمت من مرة إلا وأنا أسمع وأرد عليك ، ولكن أحببت
أن تكثر من السلام عليّ وعلى أهل بيتي ، رواه البخاري في الأدب المفرد .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=DarkOrchid]ويُستثنى من ذلك إذا دعى صاحب البيت الزائر
وأرسل إليه من يطلبه ، فلا داعي حينئذٍ من الاستئذان ، ويدلّ على ذلك حديث
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا دعي
أحدكم فجاء مع الرسول فهو إذنه ) ، رواه الطبراني ، وبهذا المعنى يقول
النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( رسول الرجل إلى الرجل إذنه ) رواه أبو
داوود .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=RoyalBlue]ويمكن لصاحب البيت أن يستثني من أراد في الدخول
عليه بدون إذن ، أو يجعل له علامةً يتفقان عليها للدلالة على الإذن ، كما
قال النبي – صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (
آذنك على أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادى – يعني الخاصّ من الكلام - حتى
أنهاك ) رواه مسلم ، يقول الإمام النووي تعليقاً على الحديث : " وفيه دليل
لجواز اعتماد العلامة في الأذن فى الدخول ، فإذا جعل الأمير والقاضى
ونحوهما وغيرهما رفع الستر الذي على بابه علامة فى الأذن فى الدخول عليه ،
للناس عامة ، أو لطائفة خاصة ، أو لشخص ، أو جعل علامةً غير ذلك ، جاز
اعتمادها والدخول إذا وجدت بغير استئذان " .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=Sienna]ومن الآداب الشرعيّة في الاستئذان ، عدم رفع الصوت
أو إزعاج أهل البيت ، ولذلك نرى من أدب الصحابة أنهم كانوا يقرعون أبواب
النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأظافير ، رواه البخاري في الأدب المفرد ،
يقول الإمام ابن العربي : " وهذا محمول منهم على المبالغة في الأدب ، وهو
حسن لمن قرب محله من بابه ، أما من بعد عن الباب بحيث لا يبلغه صوت القرع
بالظفر فيستحب أن يقرع بما فوق ذلك بحسبه " .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
وينبغي للمستأذن أن يُفصح عن اسمه حتى يعرفه صاحب البيت فيتهيّأ له ،
وبذلك نفهم سرّ غضب النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما استأذنه جابر رضي
الله عنه بالدخول ، فسأله عن اسمه ، فقال : أنا ، فقال له النبي – صلى
الله عليه وسلم – : ( أنا أنا ) كأنه كرهها ، متفق عليه .[/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=RoyalBlue]وإذا قال أهل المنزل للمستأذن : ارجع ، وجب عليه
الرجوع ؛ لأنهم ما طلبوا منه الرجوع إلا لعدم تهيّئهم لاستقباله وحصول
الضرر والإحراج من دخوله ، قال تعالى : { وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو
أزكى لكم والله بما تعملون عليم } ( النور : 28 ) .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=Sienna]وللمعاني العظيمة التي شُرع لها الاستئذان جاء النهي
عن الدخول على أهل البيت عند القدوم من السفر دون إشعارٍ سابقٍ ، حتى
تتهيّأ المرأة لزوجها ولا يطّلع منها على ما يكره ، يقول النبي - صلى الله
عليه وسلم - : ( إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستحدّ المغيبة
وتمتشط الشعثة ) متفق عليه . [/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
وكما يُشرع الاستئذان عند الدخول ، يُشرع كذلك عند الانصراف ، وقد امتدح
الله المؤمنين في سورة النور بقوله : { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله
ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين
يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله } ( النور : 62 ) .[/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=RoyalBlue]وتلك الآداب متعلّقة بالبيوت المسكونة دون غيرها
، أما البيوت غير المأهولة كالتي تكون على الطريق أو المعدّة للتأجير فلا
استئذان لها ، كما قال تعالى : { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير
مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } ( النور :29 ) .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=DarkOrchid]وفيما يتعلّق بآداب الحركة داخل البيت فقد جاء
التخفيف للمماليك والصغار أن يتنقّلوا في البيت دون استئذانٍ للحاجة إلى
ذلك ، سوى ثلاثة أوقات : قبل الفجر ، ووقت الظهيرة ، وبعد صلاة العشاء ،
ففي هذه الأوقات يغلب على أهل البيت نزع ثيابهم واللجوء إلى الفراش ، فشرع
الاستئذان حينئذٍ . [/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
[color:0408=red]وفي ثنايا التوجيهات الربّانية والسنن النبويّة التي
مرّت بنا ، تظهر عظمة الإسلام في حرصه على حفظ العرض ، واحترام الخصوصيّة
، ومراعاة مشاعر الناس ، [/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen][color:0408=red]
والله الموفق .[/color][/color][/size]
[size=21][color:0408=DarkGreen]
==============================[/color][/size][/center]